الأشجار توائم أرواحنا
هل وقفت يوماً أمام شجرة ما متأملاً تناسق فروعها أو سحر رشاقتها أو غرابة جذورها ..
وهل تعلقت يوماً بحب شجرة كبرت أمام عينيك يوماً بعد يوم ..
أو كنت تمر عليها في طريقك اليومي للمدرسة أو العمل ..
وهل شعرت يوماً أن ثمة علاقة تربطك بهذة الشجرة أو تلك ..
علاقة حب أو إعجاب أو تشابه ..
وهل تمنيت يوماً أن تحدث الشجرة الحكيمة وتفشي لها أسرارك وترمي بحملك على جذعها ..
كم هو مثير تأمل الأشجار والأكثر إثارة هو ذلك الشبة الكبير بينها وبيننا ..
أبتداء من مراحل نمو الأشجار منذ حمل الأرض بالبذرة في أحشاءها وبزوغ أول عرق أخضر
في غمرة فرح المزارع بولادتها ، مروراً بفترة شبابها و عنفوانها وأمتداد فروعها في السماء ،
وأنتهاءً بمرحلة الشيخوخة فتصبح عجوزاً هرمة كلما زاد عمرها زاد تقديرها إلى أن تموت
إما واقفة أو منحنية ..
أصناف البشر كأصناف الشجر ، كلها تملك الجذور والفروع ، ولكن ليست كلها مثمرة منها حسنت المنبت والمظهر ثمرها حلو و رائحتها زكية كشجر الكرز و الوردو منها سيء منظرها مر ثمرها كرية معشرها كشجر الحنظل و الشوكفما أسعد من كان رفيقه ورداً و ما أتعس من رافق الحنظل الأشجار تشبهنا قلباً و قالباً ، منها الطويلة و القصيرة و منها الرشيقة و البدينة و المفتولة و الهزيلة و الشريفة و الحقيرة و ذات الأصول الكريمة و التي لا يعرف لها أصلاً ..وفي المشاعر تشبهنا كذلك ..فنراها تحب وتكره وتتألم وتكتئب .تطرب للموسيقى وترقص مع نسائم الهواء وتستعرض وتتغنج بدلال مثير .وتعشق أحياناً حد الموت وتذبل وتجف لفقد ساقيها . وأنظر إلى تبدل أحوالها في فصول السنة الأربعة فحيناً تزهو بأثواب الفرح و ألوان الربيع وحيناً تقف عارية من أوراقها مستوحشة فروعها في السماءوتنعم حيناً بخضرة الصيف ودفء الأحبة وحيناً تشتعل أوراقها وتصطبغ بلون النار فتحترق وتسقط تاركة إياها وحيدة كئيبة تحمل الأعشاش المهجورة ولكنها صامدة متفائلة تحلم بعودة الطيور وأرتداء أثواب الفرح في دورة حياة جديدة ،، وهي في كل أحوالها وأشكالها صديقة البيئة الصامتة ومحبوبة الجماهير ينام تحتها عابروا السبيل ويلعب حولها الأطفال ويحفر عليها العشاق أسماءهم وتواريخ ميلاد عشقهم داخل قلوب تظل شاهداً على قصص وأسرار الغرام في أغصانها تهدأ الطيور و تتخذ بيوتاً لصغارها ..
تفرد أغصانها لتكون ظلاً للأخرين من حرقة الشمس في لهيب الصيف ..
تحتضن بأغصانها من الحطب من كان يشكو قسوة البرد و رياح الشتاء ..
أخيراً .. كن متسامحاً و أفتح ذراعيك و روحك لأساءة السفية
ودعها تمر ولا تلتفت لها ..
لأنها لا تغير منك شيئاً فأنت صنعت نفسك فلا تترك غيرك يدمرها ..
كن كالأشجار تهب الرياح و تكثر العواصف و الشجر فاتحاً ذراعيه لها
لا يأبى أغصانه أنها مرت من خلاله ..
كن للأخرين دفئاً و نوراً أن قتلهم برد العالم و أنطفأ في عيونهم الأمل
و أمنحهم أحتياجهم للدفء كما تمنحنا أغصان الشجر الحطب ..
كن أجتماعياً مع من حولك ..
كن متواجداً و أجعل لتواجدك معنى جميلاً مع من حولك ..
كن كالأشجار أكثر الأحياء في الكون تتأقلم في كل مكان ومع أي زمان ..
كن دوماً متفائلاً .. فأن فقدت شيء فتأكد يوماً ما ستعوضه ..
أرسم الأمل في حياتك حتى لو كان مجرد رسم فربما تظهر اللوحة جميلة ..
كن كالأشجار في لحظات الشتاء تموت أوراقها
ولكن سرعان ما تزهر وتكتسي بالخضرة و تطرب أعيننا لها ..
أحذر أن يدخلك اليأس فتموت و يغلبك في ذلك الشجر ..
والأشجار توائم أرواحنا ..
للكاتبة .. سلافة الفريح " باستثناء الأضافة الأخيرة " ..
آعجبني وطرحته بين آيديكم .. لكم ودي ومحبتي